الوضع المظلم
الجمعة ٠٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • باحث بـ"مركز لندن" لـ"ليفانت": أوروبا تتحرك عسكرياً خشية عودة الاتحاد السوفيتي

باحث بـ
مايكل مورجان \ ليفانت نيوز

في خضم الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي بدأ في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، بدأت القارة الأوروبية العجوز بنفض غبار السكون العسكري عن كاهلها، والذي استمر تقريباً، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في العام 1945، فخرجت التصريحات المهددة بالعقوبات، وتحولت لاحقاً إلى عقوبات رمزية، ثم إلى عقوبات اقتصادية فعالة، وتطورت إلى دعم عسكري غير مسبوق لأوكرانيا، أشار معها جوزيف بوريل منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إلى أنها المرة الأولى التي يسلح فيها الأوروبيون بلداً ليس من الاتحاد.

وحول ذلك، التقت "صحيفة ليفانت اللندنية" مع الدكتور "مايكل مورجان"، الباحث في "مركز لندن للدراسات السياسية والاستراتيجية"، لاستطلاع رأيه حول جملة من الأسئلة والاستفسارات التي تطرح نفسها، حيث أشار إلى أن اجتياح الروس لأوكرانيا في وقت قصير، كان هدفه زعزع الثقة بين أوكرانيا ودول الاتحاد الاوربي وحلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية، لكن دعم الجيش والشعب الأوكراني بالمعدات الحربية والمال والعتاد، حقق نجاحاً ملموساً على الأرض.

اقرأ أيضاً: أجهزة استقبال الإنترنت الفضائي أصبحت في أوكرانيا

كما رأى أن الحرب العالمية الثالثة قادمة لا محالة، راهناً فرص السلام، بعدم انضمام اوكرانيا إلى حلف الناتو، ومبيناً أن المؤسسات الدولية لم يعد لها تأثير، نظراً للاختراقات العديدة لقرارات مجلس الأمن في العقود السابقة.

وفي التفاصيل.. وحول تقييمه للقرارات الأوروبية المتسارعة، من إخراج روسيا من منظومة سويفت إلى إغلاق المجال الجوي الأوروبي أمام الطائرات الروسية، والعقوبات المتوالية من قبل بروكسل وواشنطن، أوضح الدكتور مايكل مورجان أن "القرارات الاوروبية لها أهمية كبيرة"، مضيفاً: "كنت اعتقد أن هذه العقوبات متأخرة بعض الشيء، حيث أن اجتياح الروس لأوكرانيا في وقت قصير، انعكس بشكل كبير بالثقة الروسية، ومحاولة الاستمرار في الحصول علي مكاسب على أرض الواقع، وأهمها زعزعة الثقة بين أوكرانيا ودول الاتحاد الاوربي وحلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أن الرئيس الأوكراني زيلينسكي، وجد جيشه وشعبه في مواجهة عنيفة مع الجيش الروسي، بدون دعم عسكري من حلف الناتو، أو الدول الأوروبية، مما جعله يوافق على الجلوس على مائدة المفاوضات في وقت سابق مع روسيا".

وحول التسليح المتواصل والمتعاظم من الغرب لكييف، واحتمالات أن يردع موسكو، التي هددت بالنووي، رأى الدكتور مورجان أن دول الغرب، وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية، شاركت "بدعم الجيش والشعب الأوكراني بالمعدات الحربية والمال والعتاد، لمحاولة منع الجيش الروسي من السيطرة على كييف، التي لها دلالة سياسية، نظراً لأنها العاصمة السياسية للبلاد، ومنها يتحكم الرئيس الاوكراني زيلينسكي بالجيش والمقاومة".

اقرأ أيضاً: أوكرانيا ومنظمات دولية: روسيا استخدمت أسلحة محظورة في الغزو

متابعاً: "من الواضح أن هذا الدعم حقق نجاحاً ملموساً على الأرض، حيث اعتقد العديد من المحللين أن كييف سوف تسقط في الأيام القليلة الماضية، وهو ما لم يحدث، مما أدى إلى استفزاز الجيش الروسي، ودفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لرفع حالة الدفاع في روسيا إلى الاستعداد لاستخدام في الوقت اللازم، مما يصعد نبرة التحدي والصراع"، (في إشارة منه إلى التهديد الروسي باستخدام السلاح النووي).

حيث وجد الدكتور مورجان أن التهديد الروسي بالنووي "قرار متسرع ومقلق جداً، نظراً لتصاعد وتيره التوتر في المنطقة، وفي الحرب، مما جعل هناك تدخل سريع من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في محاولة لوقف ضرب النار، حيث أن الحرب أخذت منعطفاً جديداً، بعد تهديدات الرئيس الروسي بالحرب النووية، إذا احتاج الأمر".

مستكملاً: "في أخبار متداولة على مواقع الأخبار، تم تأكيد أن وزير الدفاع الروسي شويغو، نفذ أوامر بوتين ووضع مراكز التحكم في الثالوث النووي في وضع التأهب، مما أثار قلق المانيا وانجلترا بشكل كبير، نظراً لخطورة هذه الخطوة من التهديد المباشر إلى تلك الدول، بالإضافة الي فلندا والسويد والدنمارك وبولندا"، مستدركاً بأنه "مشهد مرعب، وإن كان يدل فيدل على جدية بوتين في خوض الحرب مهما كلفته، أو كلفت العالم من دمار".

وفي وجه تلك التهديدات الروسية، خرجت دول الاتحاد الأوروبية الرئيسية من وضعية الاسترخاء إلى وضعية الاستعداد، وبدأت تتحدث عن رصد ميزانيات هائلة لتحديث ترساناتها العسكرية أو إعادة تشكيلها، كما كان الحال مع ألمانيا، وهو ما عقّب عليه الباحث في مركز لندن للدراسات السياسية والاستراتيجية، بالإشارة إلى أن "هناك بالفعل تراكمات كثيرة سابقة (دفعت الأوروبيين للتحرك نحو العسكرة)، مبيناً أن منها "الخوف من مخطط إعادة القوة الروسية التي كانت متمثلة في الاتحاد السوفيتي، نظراً لمحاولة الرئيس الروسي تنفيذ حلمه بالعودة للاتحاد السوفيتي، كقوة عظمى تتحكم بأوروبا والعالم". 

اقرأ أيضاً: مقتل 70 جندياً أوكرانياً والأركان الأوكرانية تكشف حصيلة قتلى الطرف الروسي

ولعل التسلح ذاك، قد يقرّب العالم أكثر من احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة، وهو رأي يتوافق معه الدكتور مايكل مورجان، الذي بيّن "أن الحرب العالمية الثالثة قادمة لا محالة، لكن ليس الان".

معتقداً أنه "سوف يتم الوصول إلى ورقتين مبدئياً في ملف أوكرانيا، وسوف يتعهد حلف الناتو بعدم انضمام أوكرانيا في الوقت الراهن، في محاولة لحقن الدماء، ولكن سوف توجد صراعات أخرى في المستقبل القريب، قد تكون شرارة الحرب العالمية الثالثة، وأهمها محاولات الصين، الاستيلاء على تايوان، ومن الممكن ايضاً مواجهة إيران لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، مما يعجلها حرب عالمية، حيث سيدعم بوتين كلاً من الصين وإيران، وايضاً نجد الدعم الحالي من الصين وإيران لروسيا، في مواجهة حلف الناتو".

وأمام تلك المعطيات، التي لا يبدو أنها مبشرة بالخير على البشرية، رأى الدكتور مورجان أن فرص السلام تبقى دائماً متوفرة، قائلاً: "هناك دائماً فرص للسلام، إن كان الطرفان على نفس الروح، ولكن ما نشاهده الآن، إصرار روسي على عدم دخول أي من دول الجوار إلى حلف الناتو".

مستطرداً: "اعتقد، سوف يكون هذا شرطاً اساسياً لروسيا، للموافقة على الدخول في أي نوع من معاهدات السلام المقترحة، وأتمنى بشكل شخصي الوصول إلى معاهده سلام في أقرب وقت، لكني لا أتوقع حدوث هذا بدون شرط عدم انضمام اوكرانيا إلى حلف الناتو".

اقرأ أيضاً: السوق السعودي يعوض الخسائر التي سببها الغزو الروسي لأوكرانيا

مستدركاً: "اعتقد ايضاً أن رئيس أوكرانيا وجد بلاده بمفردها في التصدي للغزو الروسي، بالرغم من الوعود السابقة للدول الأوروبية ودول حلف شمال الاطلسي بالتدخل العسكري في حالة الحرب، وهو لم يحدث، وسوف يؤثر ذلك بشكل كبير على التنازلات التي من الممكن أن يقدمها الرئيس الأوكراني لروسيا، للوصول إلى نوع من السلام في المنطقة".

مردفاً: "من خلال قراءة المشهد العالمي، اعتقد هناك تغيير يحدث الآن في موازيين القوى العالمية، ونرى هذا متجلياً في اختراق دول مثل روسيا والصين للمعاهدات الدولية دون الاهتمام برد الفعل الأوربي أو الأمريكي".

مشيراً إلى أن "المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لم يعد لها أي تأثير، نظراً للاختراقات العديدة لقرارات مجلس الأمن في العقود السابقة، من الدول العظمى"، واختتم "الدكتور مورجان" حديثه لليفانت، بالقول: "لم تعد تلك المؤسسات لها الرهبة الكافية لردع أي عدوان، وتجسد ذلك في ملفات عديدة، أهمها سوريا، ليبيا، اليمن، سد النهضة الاثيوبي، وغيرها من النزاعات الدولية، التي اكتفى مجلس الأمن، إما بالشجب أو التنديد أو توصية الأطراف المتنازعة فيها، بالتفاوض دون التدخل المطلوب، وتوقيع عقوبات على الأطراف المعتدية".

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!